يوم صعب وشاق
شاق على الروح اكتر من الجسد
الزياره كانت لبيت محمد الفارس الملثم
بدأ الاتفاق من امبارح بينى انا ومى صحبتى صاحبه مدونه مدينه الملائكه بالتفكير فى عمل زياره لوالده محمد لانه كان من أعز اصدقاء التدوين ليا أنا وهى
وكلمت والده محمد استأذنها فى السماح لينا بزيارتها
واصرت موجه صحبتى وصاحبه مدونه بين السماء والارض حديثه الدخول للتدوين
كمان انها تصاحبنى فى الزياره لانها خافت عليا من أثر المقابله وانى اواجه لوحدى
اتفقنا واتقابلنا احنا التلاته
بدأت موجه بالتنبيه عليا علشان احاول مش اعيط لما اشوف والدته علشان اهون عليها مش ازود همها
ورغم انى حاولت مع نفسى كتير انى اجمد الا ان الموقف كان اشد منى ومنهم
لفت نظرى هدوء الحى وغرابه الجو وكأن كل حاجه واخده جنب وهاديه ومرسوم عليها ملامح حزنها عليه
اتأكدنا من العماره ولقيت نفسى بدأت الرهبه تتسلل لقلبى وايديا تترعش ومسكت فى موجه وكأنى بستخبى فيها
مش عارفه ليه حسيت ان ملامح العماره كئيبه وكأنها هى كمان زعلانه على فقدان الفارس حتى انها بدت زى الاطلال
استقبلتنا زوجه اخوه على السلم لما اتصلت بيها وانا تحت اسألها عن الدور واستأذنها فى الطلوع .
بدأت احدث نفسى واوصيها بالصلابه
ومع كل درجه من درجات السلم وانا حاسه ان الخوف والقلق والرهبه بيزيدوا لحد ما دخلت للشقه
اول ماوقعت عينى على والدته حسيت ان الجبل اللى فضلت ابنيه جوايا طول الطريق وحاولت صحبتى تبنيه بدأ يتهاوى
اختنقت بالدموع وانا بسلم عليها وقبلت ايدها وتعمد اناديلها طول اللقاء ب ياأمى
فضلت قاعده لفتره بحاول اتأمل المكان واتصور محمد فى كل جزء فيه
اشارت لينا والدته على صوره ليه متعلقه عالحيط فى الصاله وقالت ده محمد وهو فى خامسه ابتدائى وبدأت من هنا فى سرد مواقف ومميزات تشهد بيها لحسن اخلاقه معاها ومع كل اللى حواليه
"هو ياحبيبى كان متفوق فى دراسته حتى من غير دروس وكان طول عمره شاطر
حتى كان دايما يقولى الصلاه ياماما هى اللى هتنفعك لازم تحافظى عليها
ماتزعليش حد ياماما واوعى تحرجى حد
ولما ايام الجامعه كان يخلينى اصور كتب ليه هو واصحابه مكنش ابدا يرضى ياخد منهم فلوس وينبه عليا"
وقتها ردت زوجه اخوه
"اه والله طول عمره حنين وطيب
والله حتى لما كان جوزى يزعلنى كان هو اللى ياخدلى حقى منه
وكان دايما لما يشوفنى لابسه بنطلونات يقولى لا حرام البسى عبايات او جيبات
هو كان غالى عندى اوى"
الكلام كان بيتحكى وانا قاعده انا والبنات اسمع وبس
كنت بترجى دموعى تخرج بهدوء
مش تخرج بصوت الالم اللى جوايا وانا بسمع الكلام وشايفه عيون امه ماليها الدموع
واول ماتكلمت سألتها
"محمد تعب ياامى قبل وفاته؟"
جاوبتنى
"والله يابنتى هو دور البرد اللى اشتكى منه بس وكان تعبان يوم الجمعه خالص
واخد الحقن يوم السبت وبقى كويس ولحد المغرب طلب اكل وشاى بلبن وصلى المغرب
نادى عليا وقالى اضغطى على ضهرى لانى حاسس انى مش بتنفس كويس"
وبعدها نطق الشهادتين وخرجت روحه"
وفى الوقت ده ماقدرتش امسك لا دموعى ولا انات صوتى اللى بتقطع فيا انها تخرج
واترميت فى حضن موجه وبكينا بألم شديد لدرجه ان والدته وزوجه اخوه اللى بدأوا يهدونا
قد ايه حسيت فى وقتها انى ضعيفه
والانهيار كان قريب اوى وسهل اوى قدام ست من اقوى وانبل السيدات اللى قابلتها فى حياتى
يمكن هى استوعبت الموقف بشكل كان يصعب على اى حد يتحمله ولا اتصور انى لو مكانها كان ممكن ابقى بالصمود ده وبقوه الايمان بالقدر دى
طلبت منها انها تدعيله دايما فى صلواتها وانها تدعيلى انا كمان علشان انول شرف دعائها ليا
رددت كتير "لو بتعزوه اقروله القرآن وادعولوا فى صلاتكوا
هو فى الجنه انا مش خايفه عليه
هو ارتاح من عذاب كتير كان شايفه"
اتذكر دلوقت اول مره كلمتها فيها علشان اعزيها وقالتلى"
محمد استريح لانه فى مكان احسن من الدنيا لكن سابنى انا مكسوره زى الطير الحزين"
لعل الراحه النفسيه اللى حسيتها فى جو بيتهم كان ليها أثر كبير فى تهدئه اعصابى ورجوعى لحالتى الطبيعيه رغم احساسى بإن اركان البيت نفسها بتفتقد وجوده فيها
شفت هناك ولاد اخوه اللى حكالى عنهم كتير والبنت جارته اللى كان بيشرحلها التاريخ اللى سقطت فيه كتير ومش نجحت الا لما هو درسه ليها واللى كان باين عليها آثار حزنها عليه
الحاجه اللى قد ايه فرحتنى انى عرفت منها ان فى حد اتصل بيها من السعوديه وقالها انه عمل عمره ووهب اجرها لمحمد
لكن اكتر الكلام اللى قتلنى كلمتها
"انا فرحت اوى لما ناس كتير كلمونى وقالولى انهم بيحبوه من غير مايعرفوه
اصلى كنت فاكره انى انا بس اللى بحبه لانه مكنش بيخرج ومكنش ليه علاقه بحد
بس هو مكنش بيتأخر عن اى حد يحتاج منه حاجه علشان كده الكل زعل عليه"
قعدنا معاها حوالى ساعه ونص
حسينا فيها اننا اخدنا عليهم واخدوا علينا
طلبت انا من والدته السماح لى بزيارتها من وقت للتانى وهو وافقت بالترحيب
خرجنا من البيت بعد السلام عليهم وخرجت معانا زوجه اخوه لحد الشارع
وقبل مانمشى قالتلى كلمه طمنتنى اوى ودعيت بيها ربنا يجمعنا بمحمد فى اخرته.
قالتلى
" اطمنوا ياللى بتحبوه انا دخلت عليه بعد الغسل وقبلت جبينه
الشيخ قالى ده حرام بس انا قلتله ده اخويا
ووقفت قدامه املى عينى من وشه اللى كان بجمال عمرى ماشفته على وشه فى الدنيا"
للمره التانيه غبت تقريبا عن الوعى
وسلمنا عليها ومشينا وانا فى حاله يرثى لها
واعصابى كلها تعبانه
اليوم كان من اصعب ايام حياتى
لكنه من اكتر الايام اللى أثرت فى روحى
رحمك الله يامحمد
وجمعنا بك فى دار الحق